مصادر البطلان في القانون الجنائي: بين النص الصريح والبطلان الذاتي
بقلم: الدكتور نبيل فزيع
المستشار القانوني والمحامي أمام محاكم الجنايات ومحكمة النقض
يُعد البطلان من أهم الموضوعات القانونية التي تثير جدلاً واسعًا في الفقه والقضاء، خاصة في مجال القانون الجنائي. فالبطلان هو الوصف الذي يلحق بالإجراء أو العمل القانوني المعيب، مما يؤدي إلى إلغائه أو عدم الاعتداد به. ولكن السؤال الذي يثور هنا هو: ما مصدر هذا البطلان؟ هل يجب أن يكون هناك نص صريح في القانون يقرر البطلان، أم يكفي أن تكون هناك مخالفة للإجراءات الجوهرية التي يتطلبها القانون؟
في هذا المقال، سنناقش هذا الموضوع الهام من خلال عرض الرأيين الفقهيين الرئيسيين، مع تقديم الرأي الراجح في ضوء القواعد القانونية والأحكام القضائية.
الرأي الأول: لا بطلان بغير نص:
يذهب هذا الرأي إلى أن البطلان يجب أن يتقرر بموجب نص صريح في القانون، إذ لا بطلان بغير نص. ويستند هذا الرأي إلى المادة 231 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنص على أن البطلان يترتب في حالة عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري.
أدلة هذا الرأي:
1.-قاعدة “لا عقوبة ولا جريمة بغير نص:
كما يعمل في القانون الجنائي الموضوعي بهذه القاعدة، فإنه يعمل أيضًا في القانون الإجرائي بقاعدة “لا بطلان بغير نص”.
2.-ضرورة النص الصريح:
لا يحق لأي طرف في الخصومة الجنائية أن يتمسك ببطلان الإجراء طالما أن القانون نفسه لم يقرر البطلان. فالقانون يقرر البطلان إما بنص عام أو بنص خاص يتناول إجراءً معينًا بالذات.
الرأي الثاني: البطلان الذاتي
يتجه هذا الرأي إلى اعتناق قاعدة البطلان الذاتي، ويرى أنه لا يشترط لتوقيع البطلان النص عليه في القانون. فالقانون يضع مجموعة من الإجراءات والأشكال الجوهرية، ويتحقق البطلان في حالة عدم مراعاتها.
أدلة هذا الرأي:
1- تقدير القاضي:
يكون الأمر متروكًا للقاضي لتقدير مدى جسامة المخالفة. فإذا كانت المخالفة جسيمة، تعين الحكم بالبطلان.
2-العلاقة بين البطلان والإجراء المعيب
البطلان وصف يلازم الإجراء أو العمل القانوني المعيب منذ لحظة نشأته، ولا ينفصل عنه إلا إذا قرر المشرع سقوط الحق في التمسك بالبطلان.
رأي الدكتور نبيل فزيع:
يرى الدكتور نبيل فزيع المحامى ان البطلان هو وصف يلحق بالاجراء أو بالعمل القانوني المعيب، فالبطلان وصف يلازم الاجراء أو العمل القانوني المعيب
ولا ينفصل عنه منذ لحظة نشأته ، ويتحقق البطلان في القانون الجنائي في حالة مخالفة الاجراء أو العمل القانوني للاعمال أو الاشكال الجوهرية التي ينص عليها القانون ، ويتحقق البطلان بمجرد عدم مراعاة احكام القانون المتعلقة بأى اجراء جوهري أو عمل قانونى يمس الخصومة أو يؤثر في الدعوى الجنائية وعناصر الاتهام ، ويظل هذا الوصف( البطلان ) عالقا بالعمل القانوني أو الاجرائى
ولا يزول أبداً إلا إذا كان المشرع ذاته قد قرر سقوط الحق في التمسك في البطلان إذا لم يتمسك به في الوقت المناسب
أمثلة تطبيقية:
1. *عرض المتهم على النيابة خلال 24 ساعة:*
إذا لم يتم عرض المتهم على النيابة العامة خلال 24 ساعة من تاريخ القبض، يترتب على ذلك بطلان القبض وما تلاه من إجراءات، نظرًا لمخالفة قاعدة جوهرية مقررة لمصلحة المتهم.
2. *الإجراءات الجوهرية في التحقيق:*
أي إجراء جوهري يمس الخصومة أو يؤثر في الدعوى الجنائية وعناصر الاتهام، إذا تمت مخالفته، يترتب عليه البطلان دون الحاجة إلى نص صريح.
الخاتمة:
من خلال هذا التحليل، يتضح أن البطلان في القانون الجنائي لا يشترط أن ينص عليه صراحة، بل يمكن أن يستمد من فحوى النص أو من جوهريته. فطالما كان الغرض من الإجراء هو المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو أحد الخصوم في الدعوى الجنائية، فإن هذا الإجراء يكون جوهريًا، ويترتب على عدم مراعاته البطلان.
المراجع القانونية :
– كتاب “موسوعة البطلان في القانون المدني والجنائي” – تأليف الدكتور نبيل فزيع.
– المادة 231 من قانون الإجراءات الجنائية.
بقلم: الدكتور نبيل فزيع
المستشار القانوني والمحامي أمام محاكم الجنايات ومحكمة النقض
يُعد البطلان من أهم الموضوعات القانونية التي تثير جدلاً واسعًا في الفقه والقضاء، خاصة في مجال القانون الجنائي. فالبطلان هو الوصف الذي يلحق بالإجراء أو العمل القانوني المعيب، مما يؤدي إلى إلغائه أو عدم الاعتداد به. ولكن السؤال الذي يثور هنا هو: ما مصدر هذا البطلان؟ هل يجب أن يكون هناك نص صريح في القانون يقرر البطلان، أم يكفي أن تكون هناك مخالفة للإجراءات الجوهرية التي يتطلبها القانون؟
في هذا المقال، سنناقش هذا الموضوع الهام من خلال عرض الرأيين الفقهيين الرئيسيين، مع تقديم الرأي الراجح في ضوء القواعد القانونية والأحكام القضائية.
الرأي الأول: لا بطلان بغير نص:
يذهب هذا الرأي إلى أن البطلان يجب أن يتقرر بموجب نص صريح في القانون، إذ لا بطلان بغير نص. ويستند هذا الرأي إلى المادة 231 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنص على أن البطلان يترتب في حالة عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري.
أدلة هذا الرأي:
1.-قاعدة “لا عقوبة ولا جريمة بغير نص:
كما يعمل في القانون الجنائي الموضوعي بهذه القاعدة، فإنه يعمل أيضًا في القانون الإجرائي بقاعدة “لا بطلان بغير نص”.
2.-ضرورة النص الصريح:
لا يحق لأي طرف في الخصومة الجنائية أن يتمسك ببطلان الإجراء طالما أن القانون نفسه لم يقرر البطلان. فالقانون يقرر البطلان إما بنص عام أو بنص خاص يتناول إجراءً معينًا بالذات.
الرأي الثاني: البطلان الذاتي
يتجه هذا الرأي إلى اعتناق قاعدة البطلان الذاتي، ويرى أنه لا يشترط لتوقيع البطلان النص عليه في القانون. فالقانون يضع مجموعة من الإجراءات والأشكال الجوهرية، ويتحقق البطلان في حالة عدم مراعاتها.
أدلة هذا الرأي:
1- تقدير القاضي:
يكون الأمر متروكًا للقاضي لتقدير مدى جسامة المخالفة. فإذا كانت المخالفة جسيمة، تعين الحكم بالبطلان.
2-العلاقة بين البطلان والإجراء المعيب
البطلان وصف يلازم الإجراء أو العمل القانوني المعيب منذ لحظة نشأته، ولا ينفصل عنه إلا إذا قرر المشرع سقوط الحق في التمسك بالبطلان.
رأي الدكتور نبيل فزيع:
يرى الدكتور نبيل فزيع المحامى ان البطلان هو وصف يلحق بالاجراء أو بالعمل القانوني المعيب، فالبطلان وصف يلازم الاجراء أو العمل القانوني المعيب
ولا ينفصل عنه منذ لحظة نشأته ، ويتحقق البطلان في القانون الجنائي في حالة مخالفة الاجراء أو العمل القانوني للاعمال أو الاشكال الجوهرية التي ينص عليها القانون ، ويتحقق البطلان بمجرد عدم مراعاة احكام القانون المتعلقة بأى اجراء جوهري أو عمل قانونى يمس الخصومة أو يؤثر في الدعوى الجنائية وعناصر الاتهام ، ويظل هذا الوصف( البطلان ) عالقا بالعمل القانوني أو الاجرائى
ولا يزول أبداً إلا إذا كان المشرع ذاته قد قرر سقوط الحق في التمسك في البطلان إذا لم يتمسك به في الوقت المناسب
أمثلة تطبيقية:
1. *عرض المتهم على النيابة خلال 24 ساعة:*
إذا لم يتم عرض المتهم على النيابة العامة خلال 24 ساعة من تاريخ القبض، يترتب على ذلك بطلان القبض وما تلاه من إجراءات، نظرًا لمخالفة قاعدة جوهرية مقررة لمصلحة المتهم.
2. *الإجراءات الجوهرية في التحقيق:*
أي إجراء جوهري يمس الخصومة أو يؤثر في الدعوى الجنائية وعناصر الاتهام، إذا تمت مخالفته، يترتب عليه البطلان دون الحاجة إلى نص صريح.
الخاتمة:
من خلال هذا التحليل، يتضح أن البطلان في القانون الجنائي لا يشترط أن ينص عليه صراحة، بل يمكن أن يستمد من فحوى النص أو من جوهريته. فطالما كان الغرض من الإجراء هو المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو أحد الخصوم في الدعوى الجنائية، فإن هذا الإجراء يكون جوهريًا، ويترتب على عدم مراعاته البطلان.
المراجع القانونية :
– كتاب “موسوعة البطلان في القانون المدني والجنائي” – تأليف الدكتور نبيل فزيع.
– المادة 231 من قانون الإجراءات الجنائية.