السحر واستخدام المناصب
السحر واستخدام المناصب
والمشاعر فى الاستيلاء على الأموال : كيف يتحول ادعاء القدرات الخارقة إلى جريمة نصب؟”
بقلم: الدكتور نبيل فزيع
المستشار القانوني والمحامي أمام محاكم الجنايات ومحكمة النقض والإدارية والدستورية العليا
في ظل تزايد حالات استغلال المشاعر الدينية والاعتقادات الشعبية، تبرز قضية قانونية هامة تتعلق بجرائم النصب التي تتم تحت ستار ادعاءات القدرات الخارقة، مثل السحر أو التواصل مع الجن أو القدرة على حل المشكلات العائلية. هذه الجرائم لا تنتهك فقط حقوق الضحايا المادية، بل تستغل أيضًا ثقتهم ومعتقداتهم الشخصية. في هذا المقال، سنناقش كيف يعامل القانون مثل هذه الحالات، مع التركيز على حكم محكمة النقض في قضية تتعلق بادعاء القدرة على إعادة الزوجة إلى زوجها.
وفقًا للمادة 336 من قانون العقوبات، يعتبر النصب جريمة يعاقب عليها القانون إذا توصل الجاني إلى الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الغير عن طريق الاحتيال أو استخدام وسائل احتيالية. وفي حالة ادعاء القدرات الخارقة، يعتبر ذلك احتيالا إذا تم استغلال اعتقاد المجني عليه في صدق هذه الادعاءات.
وقائع القضية
في إحدى القضايا التي نظرتها محكمة النقض، ادعى شخص ذو صفة دينية أنه قادر على إعادة الزوجة إلى زوجها من خلال أعمال سحرية. وقام بإعداد منزل خاص لمقابلة الجمهور، وأعطى الزوج تعويذة وثلاث ورقات للبخور، مقابل مبلغ مالي. وقد توصل إلى الاستيلاء على المال من خلال إيهام المجني عليه بقدرته على حل مشكلته الزوجية.
حكم محكمة النقض:
قضت محكمة النقض بأن هذه الأفعال تشكل جريمة نصب وفقًا للمادة 336 عقوبات. وأكدت المحكمة أن استغلال الصفة الدينية لترسيخ الاعتقاد بصدق الادعاءات الخارقة يعتبر وسيلة احتيالية تدخل تحت نطاق الجريمة. كما أشارت إلى أن إعداد منزل خاص لمقابلة الجمهور واستخدام طقوس مثل التعويذة والبخور يعزز من اعتقاد المجني عليه في صدق المتهم، مما يجعل الجريمة أكثر خطورة.
*التحليل القانوني:
1. *عناصر جريمة النصب:*
– وجود وسيلة احتيالية (ادعاء القدرات الخارقة).
– استغلال اعتقاد المجني عليه (الثقة في الصفة الدينية للمتهم).
– الاستيلاء على المال أو الممتلكات.
2. دور الصفة الدينية:
– الصفة الدينية تعطي مصداقية للادعاءات، مما يجعلها أداة فعالة في الاحتيال.
– يعتبر استغلال هذه الصفة عاملًا مشددًا في الجريمة.
3. الوسائل الاحتيالية:
– استخدام طقوس مثل التعويذة والبخور يعتبر وسيلة لإيهام المجني عليه بقدرات المتهم.
– إعداد مكان خاص لمقابلة الجمهور يعزز من مظهر المصداقية.
**الخاتمة:
جرائم النصب التي تتم تحت ستار ادعاءات القدرات الخارقة ليست فقط انتهاكًا للقانون، بل هي أيضًا استغلال لثقة الناس ومعتقداتهم. يجب على الجهات القانونية أن تكون يقظة في مواجهة مثل هذه الحالات، وأن تعمل على توعية الجمهور بمخاطر هذه الممارسات. وفي الوقت نفسه، يجب على الضحايا الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
المراجع
– كتاب “البراءة والدفوع في جريمة النصب” تأليف الدكتور نبيل فزيع.
– حكم محكمة النقض في القضية المشار إليها.